وجوه يومئذ ناضرة
يقول * ذو الجلال في سورة القيامة* *»وجوه يومئذ ناضرة*. إلي* ربها ناظرة*« »القيامة *22-32« وكيف لاتكون عليها النضرة وقد من الله عليها بالنظر اليه سبحانه*..وفي سورة الغاشية يقول عز من قائل* *»وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية*. في جنة عالية*« (الغاشية *8-01) ووجوه ناعمة أي ناضرة مشرقة من النعيم الذي ترفل فيه،* ويؤيد إرتباط النضرة بالنعيم ما جاء في سورة المطففين* *»إن الأبرار لفي نعيم*. علي الأرائك ينظرون*. تعرف في وجوههم نضرة النعيم*« (المطففين *22-42)..* فالنعيم الذي هم فيه والنظر إلي ربهم ينضح علي وجوههم إشراقا وبهجة،* وفي سورة الانسان يثني رب العزة علي الذين يطعمون المساكين والأيتام والاسري إبتغاء وجهه وطمعا في مرضاته* *»ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا*. إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكورا.إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا*. فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا*. وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا*« (الانسان *8- 21) ويوما عبوسا أي متجهما*. وقمطريرا أي عسيرا*.. مرة أخر النضرة والسرور علي وجوه أهل الجنة،* الذين دخلوها بسعيهم واجتهادهم،* وهو ما تذكروه وهم ناعمون في الجنة*.. تذكروه راضين عما فعلوه*.. فالجنة يدخلها المؤمن بسعيه الدءوب في الدنيا من اجلها* *»وان ليس للإنسان إلا ما سعي*. وان سعيه سوف يري*. ثم يجزاه الجزاء الأوفي*« (النجم *93-14)* فالسعي من اجل الآخرة لابد منه ولا* غني عنه* *»ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا*« (الإسراء *91)* فالمؤمن الذي يبذل وسعه لدخول الجنة سوف يشكر الله له سعيه،* ويكافئة بدخول الجنة والخلود في نعيمها إلي مالا نهاية،* فالله وعد أهل الجنة بالخلود فيها* *»وأزلفت الجنة للمتقين* غير بعيد*. هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ*. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب،* ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود*. لهم ما يشاءون فيها ولدنيا مزيد*« (ق *13-53)* وأزلفت الجنة للمتقين أي أدنيت منهم وقربت اليهم،* ويقول لهم ربهم إن هذا النعيم الذي أنتم فيه،* هو ما وعدت به من خشيني في الدنيا وسعي من اجل مرضاتي،* وأنتم خالدون في هذا النعيم،* ولكم* ما ترغبون فيه وأزيدكم عليه،* فخشية الله تستجلب رحمته وهذا مصداق قوله تعالي* *»ولمن خاف مقام ربه جنتان*«* *(الرحمن *64)..
رربنا بكرمه ولطفه،* لايشق علينا أو يكلفنا مالا طاقة لنا به،* فتقواه في حدود الاستطاعة* *»فإتقوا الله ما استطعتم وإسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون*« (التغابن *61) والاستطاعة يمكن أن تزيد بالارادة والمثابرة،* لأننا بالفعل إن لم نثابر ونجتهد فسوف تقل استطاعتنا،* ناهيك عن زيادتها،* وهذا هو جهاد النفس* »ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين*« (العنكبوت *6)..
المهم أن يبذل الإنسان من اجل الآخرة وسع طاقته،* وأن يحاول تنميتها ما استطاع إلي ذلك سبيلا،* فالجنة منازل ودرجات،* وكلما اجتهدنا في طاعة الله وابتغينا مرضاته،* كانت لدينا الفرصة لتحسين درجتنا في الجنة،* فالجنة فيها فروق شاسعة بين كل درجة واخري،* والخلود في درجة أعلي في الجنة يستأهل ان نجاهد انفسنا لكي نبلغه* *»ومن يأته مؤنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلي*. جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكي*« (طه *57 -67)..
واذ يوصينا ربنا بتقواه،* فإنه يوصينا ايضا بالانفاق في أوجه البر* »وأنفقوا خيرا لأنفسكم*« أي أن إعانة المحتاجين تعود علينا نحن بالخير والفلاح ورفيع الدرجات في الجنة*.. وذلك هو الفوز الكبير*.. وعن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال* »إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد*: إن لكم ان تحيوا فلا تموتوا أبدا،* وإن لكم ان تصحوا فلا تسقموا أبدا،* وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا،* وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا*« أي حياة دائمة،* وصحة دائمة،* وشباب دائم،* ونعيم دائم فهنيئا لمن عملوا لهذا وسعوا إليه بكل الجدية،* والعزم والتصميم*